حضرة الأب جورج جريج المحترم،
حضرة الدكتورة فاديا علم الجميل المحترمة، مديرة جامعة القديس يوسف في الشمال،
حضرة الدكتور هاني الشعراني المحترم، مدير جامعة بيروت العربية،
حضرة رئيسة لجنة الأهل والأعضاء المحترمين،
حضرة رئيسة لجنة القدامى،
أعزائي المربين،
الأهالي الكرام،
أيها المتخرجون والمتخرجات،
تَحْمِلُون الآن غِلالَكُم التي جَمعْتُموها عن بيادِرِنا وتْرحَلُون...
تَحْمِلُون طُموحَ الشباب وَعزْمَه وتَرحَلون...
تَحمِلُون الوعدَ النَضِر وترحَلون...
لَكِن مهلاً أيّها الأحبة،
مهلاً إلى أين؟
أحبائي المتخرجون،
لَقَدْ اخْتَرتُم لِدَورةِ تَخَرُجِكُم هذه، مُفردةً غنيةً بمعانِيها هي “Les Ailes de L’espoir” الطائر الذي يَطْمَح إلى النهايةA l’infini.
فلماذا هذه الكلمة دون سواها من سِفْر الكلماتِ اللامحدود. بجوابٍ مُقْتَضَب لأنّ مَدْلُولاتِها لا تَنْضَبْ والوانُها لا تَتعَكِّر وَشبابُها لا يَشيخ وهي أملُ دائم، لا تذويها الأيّام ولا تَنْقَلِبُ عليها الأنْظِمة.
أمَّا ببعضِ تفصيلٍ فلِجَلالِ رمْزيَتِها، وهي الحرَكة والقَرار والطُموح والاندفاع والتميُّز...
لَكِنْ ليس حركةً عَشوائيّةً بل تلك التي فيها من نَفَحَاتِ الله لمسة، أي فيها العزمُ والطموحُ ووضعُ العينٍ عند البُعدٍ واعمقِ نُقطةٍ داخلَ المستحيلِ وكأنها تقول لكم إتبَعوني على أجنحة هذه الطيور إلى العلاء.
وهي قرارٌ، ولكنْ ذاك النابعُ من الذاتِ العميقةِ التي تُدركُ ماذا تُريد ولماذا وإلى أين؟ أوَليسَ القرار هو الدعوة إلى وضعِ اليدِ على المحراثِ والنظرُ إلى الأمام؟
وهي الفوزُ ولكن ذاك الذي يُثَمِّرُ الوزناتِ ويَرجِعُ مرفوعَ الرأس شامخَ الجبين، فيفرح به الأهلُ والأساتذةُ والأصدقاءُ وهي التميّز،
الذي يزرعُ اليوم الشبابَ اللبنانيَّ علماءَ في أعظمِ مختبراتِ العالم.
أيّها الأحبّة،
لو كانتْ رحلتُكُم إلى أمدٍ قريبٍ محدودٍ ومعدودٍ وملموس، إذن لكان بإمكانِنا أنْ نَحْمِلَ أجسادَنا واشواقَنا ونَجلسَ عند بعض المحطات نرتقب...
ولكن رحلَتَكُم إلى الغدِ، غدِكُم انتم، ذلك الغدُ الذي حرَّم جبرانُ علينا نحن الأهلَ والمعلمينَ أن نزورَه حين قال:
"إن لأولادِكُم غدَهُم الذي لا تستطيعون أن تزوروُه حتى ولا في أحلامِكم"
سامحَ الله جبران، كم قسا علينا واستخفّ بقدُراتِنا، وبورك لكم به كم وَثِقَ بكم وآمن بقُدُراتِكم.
ولو كان جبران بيننا الآن لقال:
اللامتناهي، لا نستطيع أن نُدْرِكَه حتى ولو بعقولنا، لأنّ عقولَنا من جيلٍ متناهِ، وعقولِكُم من جيل غير متناهي.
لكن عفواً ايها المرتَحِلون، لقد نسي جبران أننا بحّارة من رفاق سمعانَ بطرس، الذي قال له يسوع عند البحيرة:
إبتعدْ يا سِمعانُ عن البَر واذهب إلى العُمق والقوا شباككم للصيد.
نحن من أهل الأعماق يا جبرانُ واولادنا لنا، ومنّا وفينا، وبكلّ المحبة ربيّناهم، بنور العَينَين وبكل الحنان مشينا بهم.
بهَدْيِ العقول وبكلّ المسؤولية ارشدناهم للحياة وبكل الثقة سلّمناهم.
نحن لا نصيد في المياه الضحلة على الضفاف، نحن نصيد في العُمْقِ العميق حيث اللجج والصيد الوفير، نحن نُبحِر إلى اللامتناهي، نحن منذورون لللامحدود نحن منذورون للوجود المطلق لأجنحة الأمل.
واللامتناهي أيها الأحبّة موجود في اقرب الأمكنة إلى الله، في القلب الذي أحبّكم وربّاكم وهيَّأكم للغد وللرحيل. فانطلقوا مشمولين برعاية الله المطلق إلى أوفر صيد وابعد مكان.
ولكن فليكن صيدكم منذوراً:
أولاً: للحق اي للصدق المطلق بالفكر والقول والفعل.
ثانياً: للخير أي للحبّ الذي لا يعرف العنصرية ولا الطبقية ولا اللون.
ثالثاً: للوفاء، أي للإعتراف بفضل الآباء والأمهات والمربين.
رابعاً: للبنان، أي للرسالة التي تحتقر الطائفية والمذهبية والتحزب الأعمى.
خامساً: للإنسان، أي لعطية الله التي تتبوّأُ أسمى العطايا.
سادساً: للقيم، أي لللامتناهي، مالك الزّمان والمكان والأفعال.
سابعاً: للجمال، أي لله منبع الحياة والأمل.
واعلموا أنكم ومهما أبتعدتم فإننا بانتظاركم، فعودوا، أجل عودوا ولكن كاملين.
ولا خوف عليكم لأنّ الللامتناهي ساكنٌ فيكم.
في النهاية، الشكر لكم لأنكم لم تُضيعوا جُهد ذويكم الذين لهم منا كلّ تقدير، والشكر لمعلماتكم ومعلميكم من بداية مرحلة الحضانة
إلى نهاية المرحلة الثانوية بمتابعة يومية ومستمرّة ودؤوبة، وشكر خاص لمسؤوليكم الذين تعاقبوا على توجيهِكم وإرشادِكم تربوياً وروحياً ونظامياً فكانوا العين الساهرة عليكم.
الشكر لفريق العمل الإداري والتعليمي والإرشادي،
نخص بالشكر المسؤولة جولسين قمر المرافقة والموجهّة طوال أيام السنة، بإدراك وحزم كما بلينٍ ومراعاة،
السيدة زينة خوري معلمة الموسيقى، التي تزرع الفرح والبهجة في قلوب المتخرجين بأغانيها صوتاً وتلحيناً،
السيدة رندا خُزما، صاحبة الذوق الرفيع بلوحاتها التي تحاكي الجمال والتألّق،
الموجّه ميشال حريكي الرفيق اليومي لكل تلميذ،
ولا ننسى الصحافية إيفيلينا مهوّس، من قدامى خرّيجي الثانوية، ومقدِّمة هذا الاحتفال باحترافية عالية وحضور لافت،
وكيف لا أشكر السيدة سمر فلاح التي تابعت التلاميذ عن بعد وأرادت مشاركتهم فرحتهم فأتت من فرنسا لتكون بجانبهم في هذه المناسبة.
والشكر أخيراً لمن اعدّ لهذا التخرج واسهم فيه وعمل على جمعنا في هذه العشية لنتشارك واولادَنا فرحَ المناسبة.
أيّها الأحبّة!
قبل أن أُسلِّمَكُم لغدٍ نرجوه لكم مُشرقاً أجدِّدُ الدعوة إلى أن تصونوا القيَّم التي ربّيناكم عليها ومنها الصّلابة والإشراق والقُدوة والتوق إلى الكمال.
الله يحميكم وشكراً
aaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaالأخت جورجيت أبو رجيلي
aaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaالمديرة