أيّها الزّمان... أيّها الزّمان المتوفّي الّذي بدأ يأخذ صفات الأبديّة واللّحظات الطّويلة. أيّها الزّمان السّابق، كم أشتاق إليك! لقد كان في سمائك السّلام، في طبيعتك الهدوء، وفي قلبك العطاء.
يا زمان... يا من كتب تاريخنا بالرّيشة على الصّفحات البيضاء! يا من زرع في قلوبنا بذور الحنان والسّلام! أيّها الزّمان الّذي أعطانا الأماني، كم كنت رمزا للتّضامن بين الناس! كم صمدت مبادئك وكرامتك صمود الصّخور الوحشيّة! هل أنت عائد إلينا لإنقاذنا من واقعنا البائس؟ أم فضّلت الغياب عن واجباتك هاربًا إلى مقبرتك الضّيّقة منتظرًا المارّين بها ليعزّوك وليذكروك في صلواتهم؟
يا زمان... ألم تلاحظ اسوداد حبر ريشك؟ لقد أصبحت نزعة شعبويّة تحاول حلّها الأيّام. لقد ركّبت مربّعات شطرنج من أجل أن يحارب عليها رجل جاء من الشّمال وآخر جاء من الجنوب. ألم تلاحظ نفسك غبارًا قد انزلق من تحت أقدام الله؟ ألم تلاحظ لطخات دماء الشّهداء الذين ضحّوا بحياتهم من أجل مواجهة العنف والاضطراب؟ ألم تلاحظ أنّك قلبت واقعنا، قلبت الجنّة المبهرة على رؤوسنا وحوّلتها إلى جهنّم حيث تحاول النّيران ابتلاعنا!
أين انت يا زمان؟ أين تلك الأيّام المحفوظة في قلوبنا، في أمانينا؟ هل أنت حلم طائر في السّماء، أو طموحات غارقة في قاع المحيط؟ أين هذه الأيام؟ فأنا عليها أبكي ولا أبكي من أجل رجال يحاولون الدّفاع عن كرامتهم المفقودة. أرجوك يا زمان أن تعود إلينا، ان تعكس سكّة قطارك! أرجوك أن تسمع أصوات الضّحايا الضعيفة العالية!
مانويل القاموع
الثّانويّ الأوّل ث